الأربعاء، 21 أغسطس 2013

لا أحبذ استخدام العنف، باستثناء هذا ...

::
من يقرأ تغاريد الدعاة الإسلاميين هذه الأيام على التويتر، سيدرك بأنهم في حالة حرب إعلامية ضارية ضد الزعامة العسكرية في مصر. كيف تجرأ ببعض البنادق وبعض المدرعات على هدم أساسات الإمبراطورية السماوية الموعودة على الأرض، وتُفتت هيكلها وقوائمها خلال بضعة ساعات وبعد سنة واحدة فقط من صب خرسانة قواعدها، فوراً بعد المباشرة في بنائها في قلب وبؤرة السياسة الإسلامية على الكرة الأرضية؟

ألم يعد الله المؤمنين بنصره الساحق؟ وأليس للحكومة السماوية الحديثة العهد دعم ملائكي ماورائي؟ وأليست حكومة الله وهيمنتها على الأرض هي الهدف الأول للرسالة السماوية نفسها؟ كيف تبدد الحلم وتطربقت الدنيا على رؤوس الحالمين بها هكذا بهذه السهولة خلال بضعة ساعات؟

هذه صدمة شديدة يحاول الدعاة الحالمين الموهومين بتلك الإمبراطورية الموعودة إستيعابها، وتغريداتهم تكشف حالة الصدمة والذهول الذي يمرون به حالياً. وليس من المستغرب أن يتعامى المؤمن، سواءً بشكل واعي متعمد أو باطني لا شعوري، عن حقيقة بارزة وشامخة أمامه كشموخ الجبل عندما ينظر إليها، إذا تناقضت هذه الحقيقة مع قناعاته الثابتة في ذهنه. وإلا كيف لا يرى المؤمن المسلم بأن هذا النصر السماوي النهائي الدائم، الذي وعده به ربه منذ 1400 سنة، لم يتحقق إلى اليوم؟ وكيف لا يرى المسلم أن هذا الوعد بالنصر الشامل الساحق، لا يختلف ولا يتميز بتاتاً عن أي وعد آخر اختلقه أي مشعوذ أو دجال، بأن كذا سيحصل وكذا سيحدث وكذا سيتحقق، ثم تمر الأيام والسنوات والقرون ولا يحدث ما تم وعده. ألا تسمى هذه بكذبة؟ فلماذا لا ينتبه المؤمن، مسلم أو أي متدين آخر، بأن الوعود التي يحتويها كتابه المقدس هي الأخرى سلسلة من الأكاذيب الفاحشة؟

أعرف أنه ليس المفروض أن أستغرب من هذا التشبث المحكم بهذه القناعات الواضح جداً زيفها، ولكني لا أملك إلا أن أستغرب وأندهش كلما صادفت موقف المؤمنين منها حين تتهاوى وتتهشم مسلماتهم أمامهم ويظلوا متمسكين بحطامها، وأستغرب كيف لا ينتابهم شعور بالإحراج والخجل من أنفسهم حين يظهروا كالمغفلين الذين انطلت عليهم ببساطة خدعة واضحة بعد أن يأتي اكتشاف أو يقع حدث يعري زيف هذه الأفكار والمفاهيم التي اعتنقوها وساروا عليها؟

إنما الطامة الكبرى ليس الشعور بالإحراج والخجل، بل فقد الأنفس وضياعها النهائي، هي هدر الدماء والخسائر المادية والمآسي الأسرية التي تنتج عن هذا التشبث بتلك القناعات الزائفة. وهذا يوصلني إلى محور هذا الطرح:

هل من المبرر أن يستخدم العنف ضد الإعتصامات والمظاهرات، السلمية في ظاهرها، التي يمارسها المسلمون تعبيراً عن مطالبهم، كما حدث في مسجد رابعة العدوية؟

الإجابة من منظوري الشخصي بسيطة ولا تحتاج إلى تحليل معقد. فالننظر أولاً إلى هدف هذه الإعتصامات والمظاهرات. 

الهدف منها هو ممارسة الضغوط لإرغام السلطات لكي تتنازل عن موقفها وتكيفه مع مطالب المتظاهرين، والمتظاهرين والمعتصمين في مسجد رابعة العدوية يطالبون بإعادة تنصيب محمد المرسي "المنتخب ديموقراطياً" رئيساً مرة أخرى، وإعادة سير العملية الديموقراطية إلى نصابها قبل تدخل الجيش. 

وهذا مطلب في ظاهره معقول ومشروع ولا غبار عليه، وهذا ما يزعق به الدعاة والسذج والمنافقين من منادي الديموقراطية في كل مكان. ولكن الحقيقة التي يدركها أغلبنا هي خلاف ذلك، فحملة الإعتصامات والمظاهرات التي يقوم بها الإخوان المسلمون وأتباعهم ليس لاسترجاع العملية الديموقراطية بحد ذاتها، بل هو لإعادة حملة أسلمة المجتمع المصري الذي باشرت فيه الحكومة المسلمة. هو الأسلمة وتطبيق الشرع، ومنه نشر الرسالة الإسلامية، بالضبط كما حدث مع الثورة الإيرانية، والديموقراطية التي يطالب بها الجميع ماهي عند هؤلاء إلا مطية لتحقيق هذا الهدف. 

وماذا تعني أسلمة المجتمع؟ تعني ببساطة تطبيق أحكام وشرع منظومة دينية ظهرت قبل 1400 سنة. هي للمؤمن المسلم الذي تجرع قناعاته في صغره رسالة قصد ورغبة فرضت من خالق الكون على خلقه، ولكن لأي إنسان آخر، لم يتجرع هذه القناعة، أو قد استجمع بعض الجرأة على تحدي أفكاره والبحث فيها، فهذه المنظومة ماهي إلاّ مجرد مجموعة من الممارسات والعقائد البدائية المتناقلة، نبعت قبل 3000 سنة في صحاري وهضاب بلاد الشام، ثم تطورت ونقحت عبر القرون إلى أن انتقلت إلى المجتمع الصحراوي العربي وترسخت فيه.

فأسلمة المجتمع تعني إذاً السير على منظومة حياتية اختلقها الإنسان البرونزي ومارسها قبل 3000 سنة، تريد مجموعة من البشر الموهومين، المغيبين العقول، المحبوسين الفكر، تطبيقها في القرن الواحد والعشرون، بدون أي اعتبار لصلاحيتها المنتهية وفعاليتها في إدارة دولة حديثة تواكب المجتمعات المتقدمة الأخرى. هذا بجانب أحكامها وشرائعها الوحشية المقززة، وموازينها المختلة في تطبيق العدل والمساواة بين البشر بمفاهيمها اليوم.

فكيف تتعامل مع ناس استحكمت في رؤوسهم فكرة قداسة وسماوية هذه المنظومة البدائية إلى درجة أنهم ليسوا على استعداد لتضحية أنفسهم فقط، بل للتضحية بحياة الآخرين أيضاً، حتى لو كانوا أبنائهم وبناتهم، لتطبيقها والسير على منهجها؟ ليس لفعاليتها أو لأنها تحتوي على منهج اقتصادي أو سياسي أو اجتماعي واضح وناجح، بل فقط لاعتبارها مقدسة لديهم. هل من الممكن التفاوض معهم؟ بل هل من الحكمة الدخول في أي نوع من المفاوضات مع هؤلاء البشر؟

وماهي القاعدة المشتركة التي تبنى عليها أي مفاوضات فيما لو حدثت؟ أن الإسلام هو الدين الربوبي الصحيح ولكن قطع اليد مرفوض من طرف، إنما لأجل الوصول إلى تسوية وسطية، فلا بأس بتطبيق شرع الله ولكن بشكل مخفف، أي قطع الأصابع فقط وليس اليد بالكامل؟ أو يمكن إرضاء معارضة رجم الزناة بلف بعض الكمامات حول رؤوسهم لتخفيف المعاناة عنهم يرموا بالصخور؟ كيف يتم التفاوض مع ناس عازمة ومصممة على تطبيق أحكام بدائية وحشية مختلقة في ألفية ماقبل الميلاد وفرضها على مجتمعات اليوم؟

لست عنيف ولا أؤيد استخدام العنف، باستثناء هذه الحالة. فيجب منع الإنجراف إلى تطبيق هذا المنهج البدائي بالذات ولو استلزم استخدام العنف لتحقيق ذلك.


* * * * * * * * * *

هناك تعليقان (2):

غير معرف يقول...

ماذا ستقول لو اتضح لك أن اسم النبي محمد ـ صلى الله عليه و سلم ـ موجود في التوراة ؟
هل ستتنصل من هذه المفاجأة التي تقصم ظهر الإلحاد بطريقة ما ، كأن تقول مثلا ـ بعد نحنحة الوجاهة ـ : لقد اتفق المسلمون و اليهود في قرون موحشة منقرضة على تدوين اسمه في التوراة ، و لكنهم ـ من باب إحكام الخديعة ـ قالوا : علينا أن نفتعل بيننا حربا مستديمة في القرون المقبلة ، لئلا يفطن الملاحدة بنبوغهم المعروف إلى الحيلة أعلاه حين يروننا طيلة التاريخ على وفاق مستتب . علينا أن نقتتل من حين لآخر و نتبادل الشتائم ـ في العلانية فقط ـ لنتمكن من خداع سائر البشرية التالية ، خصوصا الملاحدة ، و هم قوم شديدو العبقرية إلى حد لا يطاق ، و مولعون برواية الخيال العلمي التي سيلفقها أعني سيؤلفها العجوز الاسكندنافي ( دارون ) بعد رحلة أوقيانوسية مطولة ، و في تلك الرحلة سيصيبه دوار البحر بالطبع ، و أثناء ذلك الدوار بالضبط ، خطرت في باله فكرة الرواية المسماة ( الانتخاب الطبيعي ) .
عموما ، ماذا تقول إذا تبين لك أن اسم النبي موجود في التوراة ؟

م - د مدى الحياة يقول...

ان استخدام العنف مع هؤلاء النوعية من البشر فهو امر لامفر منه طالما هم سوف يلجأوا اليه في كل الحالات ان كانوا في السلطة ام في خارجها ! ، وهم لو كانوا فعلآ يريدوا تحقيق ديمقراطيتهم المزعومة ! والتي بقوا بها عامآ واحد فقط ، وهي المدة الكافية ليتبين منها الغث من السمين ! ، ولاكنها كانت مدة اكثر من كافية ومع هذا فهم لم يحققوا من خلالها شيئآ مفيدآ للشعب سوى محاولة اسلمتهم وترويضهم على الطاعة والغفران وتنفيذ اوامر تلك الطغمة الحاكمة بدون اي اعتراض او تذمر ! ، وقد صبروا على حكم مبارك الغير اسلامي زمنآ طويلآ ! فلم الأعتراض الآن على السيد مرسي الأسلامي وهو لم يحكمهم سوى عامآ واحدآ فقط ! ، فالمساواة مطلوبة ! ، ان مافعله بهم الفريق السيسي بغض النظر عن توجهاته الدينية والعقائدية فهو يجب ان يكون خصوصآ انه ليس من دعاة قطع الأيدي والأرجل والرقاب والآذان والأنوف وللسان والرجم من خلاف ! ، ولأنه لو لم يزيلهم بمساعدة العسكر والمساهمون معهم من الشعب من على الساحة السياسية والبلاد ! ، لفعلوا هم ذلك بأضعاف مضاعفة ! ولأزالوا كل عقل يعمل وكل ليبرالي وملحدآ او اللاديني من الوجود عندما يظفر به بدعوى انه من المفسدين ومن اعداء الله ورسوله الذي الأول من العدم والثاني في القبر منذ 1400 عامآ ! ، ولوضعوا بدل من كل هؤلاء البشر العقلانيين مكانهم المجنانيين من الشرذمة بأستنساخ هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن العقل ومعهم بقية الجلاوزة من رجال سلب العقول ( الدين ) ! ، وربما معهم ايضآ تنظيم القاعدة وجبهة النصرة الوطنية المصرية ! لو كتب لهم البقاء في الحكم بضعة سنوات اخرى ! ، ولاكن ازالتهم اليوم ولو بالعنف الغير مفرط طبعآ فهو افضل واسهل بكثير من ازالتهم بعد ان يشتد عودهم ويتحول اغلب الشعب المصري الى شعب اخواني شرس ! يقاوم التغيير نحو الأفضل ومن ثم الأنتشار خارج الرقعة الحدودية بدون مقاومة ! وطبعآ بمساعدة بقية اقربائهم من تونس وحماس وعلى البقية تأتي الدوائر ! .